للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه السابع: استدل العلماء بقوله بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليقل أخوه: يرحمك الله" على أن الكافر إذا عطس وحمد فإنه لا يدعى له بالرحمة، وإنما يقال له: يهديكم الله ويصلح بالكم، لما ورد في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم" (١).

° الوجه الثامن: لم يبين في هذا الحديث الحد الذي ينتهي إليه تشميت العاطس، وقد دلّت السنّة أنه يُشَمَّتُ مرة واحدة، فإن زاد عطاسه عن ذلك لم يشمت، وقد ورد في هذا حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجل عنده فقال: "يرحمك الله" ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرجل مزكوم" (٢). والمعنى: أنك لست ممن يُشمت بعد هذا؛ لأن هذا الذي بك زكام ومرض، لا خفة العطاس (٣). وظاهر هذا أن العاطس لا يشمت إلا في الأولى، وفي الثانية يقال له: (أنت مزكوم)، وقد حكى ابن العربي القول بهذا عن بعض العلماء. قال ابن القيم: (وقوله: "الرجل مزكوم" تنبيه على الدعاء له بالعافية؛ لأن الزكمة علة، وفيه اعتذار عن ترك تشميته بعد الثلاث، وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها فيصعب أمرها، فكلامه - صلى الله عليه وسلم - كله حكمة ورحمة وعلم وهدى) (٤).

وقد روى أبو داود بسنده عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سعيد: لا أعلمه إلا أنه رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يُشَمَّتُ المسلم إذا عطس ثلاث مرات، فإن زاد فهو زكام" (٥). وظاهر


(١) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٩٤٠)، وأبو داود (٥٠٣٨)، والترمذي (٢٧٣٩)، وأحمد (٤/ ٤٠٠). وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).
(٢) رواه مسلم (٢٩٩٣).
(٣) انظر: "العارضة" (١٠/ ٢٠١)، "الفتوحات الربانية" (٦/ ٢٥).
(٤) "زاد المعاد" (٢/ ٤٤١).
(٥) رواه أبو داود (٥٠٣٥)، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٧/ ٣٢٧)، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (٩٤٢) موقوفًا، وكذا رواه أبو داود (٥٠٣٤) من هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>