للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن الشرب قائمًا، فأدخلا إباحة ذلك من الأحاديث والأثار؛ إذ لم يصح عندهم النهي عن ذلك، والله أعلم (١).

وذهب آخرون إلى تصحيح الحديث، ومنهم النووي، والحافظ ابن حجر، فإنه قال في رده على القاضي عياض: (وأما تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة فهو مختلف في توثيقه، ومثله يخرج له مسلم في المتابعات، وقد تابعه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء" رواه أحمد، فالحديث بمجموع طرقه صحيح، والله أعلم) (٢).

لكن هذا الحديث من رواية معمر، عن الأعمش، وقد تفرد به، وهو كوفي، ورواية معمر عن أهل العراق تُكُلِّمَ فيها، فقد قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: (إذا حدثك معمر عن العراقيين فَخَفْهُ، إلا عن الزهري وابن طاوس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئًا) (٣).

قال الباجي: (والذي يظهر لي أن الصحيح من حديث أبي هريرة إنما هو موقوف عليه)، وتابعه القاضي عياض فنقل عن بعض الشيوخ أنه قال: (والأظهر من هذا موقوف على أبي هريرة).

° الوجه الثاني: الحديث دليل على أن المسلم منهي عن أن يشرب وهو قائم، وقد حمل ابن حزم هذا النهي على التحريم فقال: (ولا يحل الشرب قائمًا … ) (٤)، ومال الصنعاني إلى هذا (٥).

وأما الجمهور فقد اختلفت كلمتهم في هذا الحديث وما في معناه،


(١) "إكمال المعلم" (٦/ ٤٩١). وفيه: (إذا لم يصح .. ) ولعل الصواب ما أثبته. وانظر: "حكم الشرب قائمًا" للدكتور: سعد آل حُميِّد ص (١٥).
(٢) "فتح الباري" (١٠/ ٨٣). وانظر: "المسند" (١٣/ ٢١٧).
(٣) "تاريخ ابن أبي خيثمة" (١/ ٣٢٥)، (٢/ ٢٥٦).
(٤) "المحلى" (٧/ ٥١٩).
(٥) "سبل السلام" (٨/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>