للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للضمير، وإنما يكون ما سبق من الكلام متضمنًا له؛ كقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] فالضمير {هُوَ} يعود على العدل الذي تضمنه لفظ {اعْدِلُوا}، وعود الضمير على النعلين أرجح بدليل رواية مسلم: (أو ليخلعهما) ولأنه يقال: نَعَلَ وانتعل، كما حكاه الجوهري (١)، وعلى هذا فالضمير يعود على مذكور.

والفعل (ينعل) يجوز فيه ضم الياء من أنعل الرباعي، ويجوز فتحها من نعل الثلاثي، يقال: أنعل رجله ونَعَلَها: إذا ألبسها نعلًا، وهذا إن كان الضمير يعود للقدمين، فإن عاد على النعلين تعين فتح الياء (٢)، يقال: نَعَلَ يَنْعَلُ من باب فتح: لَبِسَ النعل، وقد ذكر القاضي عياض أن هذه اللفظة بالفتح (٣)، وهذا أحسن لقوله تعالى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ} [طه: ١٢] ولقوله في الحديث: "وليخلعهما" فيكون معنى (ليَنْعلهما جميعًا) يلبس نعلهما جميعًا.

قوله: (جميعًا) حال؛ أي: في آن واحد فلا يمشي في نعل واحدة.

قوله: (أو ليخلعهما) أي: النعلين، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: (لِيُحْفِهِمَا أو لِيُنْعِلْهما جميعًا) وهي بالحاء المهملة والفاء من الحفاء، يقال: حَفِيَ الرِجل يَحْفَى من باب تعب حفاءً: إذا مشى بغير نعل ولا خف (٤). قال النووي: (وكلاهما صحيح، ورواية البخاري أحسن) (٥).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المسلم منهي عن أن يمشي بنعل واحدة أو خف واحد، بل يخلعهما جميعًا أو يلبسهما جميعًا، وهذا النهي وإن كان ظاهره التحريم لكنه محمول عند الجمهور على كراهة التنزيه، بل نقل فيه الإجماع غير واحد منهم النووي (٦)؛ لأنه من باب الأدب والإرشاد، وخالف فيه ابن حزم الظاهري فقال: (ولا يحل المشي في خف واحد ولا نعل واحدة) (٧) ومال الصنعاني إلى هذا (٨).


(١) "الصحاح" (٥/ ١٨٣١).
(٢) "فتح الباري" (١٠/ ٣١١).
(٣) "مشارق الأنوار" (٢/ ١١٧).
(٤) "المصباح المنير" ص (١٤٣).
(٥) "شرح صحيح مسلم" (١٣/ ٣١٩).
(٦) "شرح صحيح مسلم" (١٣/ ٣٢٠).
(٧) انظر: "سبل السلام" (٨/ ١٩٤).
(٨) انظر: "المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>