للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العظيمة المستمرة التي لا تنقطع، بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع ويأتي ما يخالفها (١).

قوله: (إلى مَنْ جَرَّ ثوبه) كناية عن إطالة الثوب وإسباله؛ لأنه إذا أطاله مسَّ الأرض وإذا مشى جرّه، ويدل لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" (٢).

ومَنْ: صيغة عموم، تتناول الرجال والنساء في هذا الوعيد، وقد فهمت ذلك أم سلمة -رضي الله عنهما-، فقد روى الترمذي والنسائي هذا الحديث من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر وزادا: فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخينه شبرًا" فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخينه ذراعًا ولا يزدن عليه" (٣)، وقد روى مسلم حديث ابن عمر من طريق أيوب، عن نافع، وكأنه أعرض عن هذه الزيادة للاختلاف فيها على نافع (٤).

قوله: (خيلاء) بضم الخاء المعجمة وكسرها مع فتح الياء فيهما والمد، هو البطر والكبر والإعجاب، يقال: خال الرجل خالًا واختال اختيالًا: إذا تكبر، وكأنه مأخوذ من التخيل وهو الظن؛ لأن المختال يظن أنه بصفة عظيمة بلباسه أو مركبه أو نحو ذلك (٥).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم جر الإزار خيلاء وكبرًا وإعجابًا، وأن هذا من كبائر الذنوب (٦)، لثبوت الوعيد عليه بأن الله تعالى لا ينظر لفاعله يوم القيامة؛ وذلك لأنه اجتمع في حقه أمران: الإسبال، والتكبر، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك، إلا ما اسْتُثْني من الحرب أو ثَمَّ حاجة تدعو إليه من مرض أو غيره (٧).


(١) "طرح التثريب" (٨/ ١٧١).
(٢) رواه البخاري (٥٧٨٧).
(٣) "جامع الترمذي" (١٧٣١)، "سنن النسائي" (٨/ ٢٠٩). قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).
(٤) "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٩).
(٥) "طرح التثريب" (٨/ ١٧١).
(٦) "الكبائر" للذهبي ص (٧٦).
(٧) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>