للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه ذلك أن الثابت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه كان لا ينام حتى يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، كما في رواية مسلم.

قال بعضهم: ويمكن حمله على أن الماء في قولها: «من غير أن يمس ماء» هو ماء الغسل، أما الوضوء فهو ثابت.

أو يحمل الوضوء على الاستحباب، وتركه صلّى الله عليه وسلّم له على الجواز (١)، والأول ذكره البيهقي، ونسبه لأبي العباس ابن سُريج، ثم قال: (وبه نأخذ) (٢)، والثاني قاله ابن قتيبة (٣).

ويؤيد ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أن عمر رضي الله عنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: «نعم إذا توضأ»)، وفي رواية: «نعم ليتوضأ، ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء» (٤).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن للجنب أن ينام دون أن يتوضأ، لكن تبين أن الحديث معلول، وعلى هذا فالصواب أن يتوضأ، وعلى فرض صحته فهو محمول على أن المراد الغسل جمعاً بين الأدلة، فيكون الوضوء ثابتاً لدلالة السنة عليه قولاً وفعلاً، فالقول كما تقدم في حديث عمر رضي الله عنه، والفعل كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام، وعنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة (٥).

الوجه الثالث: أخذت الظاهرية وابن حبيب من المالكية بحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم، وقالوا: يجب على الجنب أن يتوضأ قبل أن ينام، وهو


(١) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٣/ ٢٢١).
(٢) "السنن الكبرى" (١/ ٢٠٢)، وفيه (ابن شريح) بالشين المعجمة، وصوابه ما ذكر، انظر: "معرفة السنن والآثار" (١/ ٥٠٥).
(٣) "تأويل مختلف الحديث" ص (٢٤٠، ٢٤١).
(٤) أخرجه البخاري (٢٨٧)، ومسلم (٣٠٦).
(٥) أخرجه مسلم (٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>