للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليهما بالإشراك) (١).

ولعقوق الوالدين مظاهر كثيرة يجمعها ما تقدم من كل قول أو فعل فيه إضرار بهما أو أذية لهما، ومن ذلك إبكاء الوالدين، أو إدخال الحزن عليهما، أو شتمهما ولعنهما، أو إغاظتهما بالمنكرات من وسائل اللهو والطرب وشرب الدخان، أو عدم احترامهما وقت الجلوس معهما أو عدم سماع كلامهما، ومن ذلك التخلي عنهما وقت الكِبَرِ الذي هو وقت الحاجة إلى برهما والقيام بمصالحهما، وكذا إيثار الزوجة وتقديمها على الوالدين، إلى غير ذلك.

أما ما ليس فيه أذية لهما، وإنما هو هوى عندهما أو تعنت في شيء فإن مخالفتهما فيه لا يعد عقوقًا، كما لو طلبا منه ترك بعض السنن مما لا يضرهما فعله، فلا تعد مخالفتهما عقوقًا، ومثل هذا لو أمرته أمه أو أبوه بطلاق زوجته، وهي زوجة صالحة لم تؤذهما بشيء، ولكنهما لم يرضيا عنها فإنه لا يلزم طلاقها، ولا يعد عاقًّا إذا لم يطلقها، فإن آثار الطلاق ومضاره عظيمة، وعلى الولد مداراة والديه وأن يتحلى بالحكمة والصبر، ورحم الله والدًا أعان ابنه على برّه وأبعده عما يكون سببًا في عقوقه، وقد روى أبو نعيم أن كعب الأحبار سئل عن العقوق، فقال: إذا أمرك أبواك فلم تطعهما، فقد عققتهما، وإذا دعوا عليك، فقد عققتهما العقوق كله (٢).

* الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم وأد البنات، وذلك بدفنهن والقضاء عليهن وهن أحياء، وهذا من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء: ٩٣] وإذا كان هذا في عامة الناس فكيف بالقرابة؟ فكيف بالمخلوق الضعيف؟! فوأد البنات إساءة ظن بالله تعالى، وقتل نفس بغير حق، وقطيعة رحم.

وهذه عادة كانت شائعة أيام الجاهلية يفعلون هذا تخلصًا من العار أو خشية الفقر.


(١) "الكبائر" ص (٤٠).
(٢) "حلية الأولياء" (٦/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>