* الوجه الخامس: في الحديث تحذير بليغ من منع صاحب الحق حقه والمماطلة في أداء الديون والحقوق إلى أربابها، ويزداد الأمر قبحًا إذا كان الإنسان مع هذه الخصلة الذميمة يطلب ما ليس له به حق، ويحاول الاستيلاء على حق الآخرين بلا مسوغ شرعي، فهذا عين الظلم والعدوان؛ لأنه مانع للحق الذي عليه، ومغتصب لما ليس له بحق.
* الوجه السادس: في الحديث حث على قلة الكلام وعدم التوسع فيه، وألا يكون الإنسان ثرثارًا مهذارًا ليس له هم إلا الخَرْطُ (١) والكلام في الناس؛ لأن الإكثار من الكلام الذي لا فائدة فيه يقسي القلب، ويفضي إلى الكذب والخطأ وعدم التثبت، وهو سبب من أسباب تنافر القلوب والوقوع في الفتن، وهو اشتغال بما يضر ولا ينفع عما ينفع، وفيه إضاعة للأوقات التي ينبغي صرفها فيما ينفع، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك كله، وألا يتكلم إلا بما فيه نفع، وألا ينقل مما يسمع إلا الكلام النافع، ويحذر أن يحدث بكل ما سمع.
* الوجه السابع: في الحديث تحذير من كثرة السؤال كسؤال الدنيا من غير حاجة ولا ضرورة، أو السؤال عما لا يعني الإنسان وعما ليس منه فائدة؛ لأنه ضياع للوقت وربما أدى إلى ما لا تُحمد عقباه، والمؤمن الحق يشتغل بما يعنيه وما ينفعه ويدع ما لا يعنيه وما لا ينفعه.
* الوجه الثامن: في الحديث نهي عن إضاعة المال، وذلك بصرفه في غير الوجوه الشرعية أو بإهماله وعدم العناية به، وهذا يقع ممن يكون ناظرًا على وقف قلَّ ريعه، فتراه يهمله حتى تنقطع منفعته بالكلية، وإضاعة المال ضرر اقتصادي ينبئ عن سوء التصرف.
وفي جميع ما تقدم دليل بيّن على كمال الشريعة برعايتها لحفظ الوقت واللسان والمال والشرف وحقوق الآخرين. والله تعالى أعلم.