للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن الأحنف بن قيس أنه سئل ممن تعلمت العلم؟ فقال: (من نفسي)، قيل: وكيف ذلك؟ قال: (كنت إذا كرهت شيئًا من غيري لم أفعل بأحد مثله) (١).

يقول الحافظ ابن رجب رَحمهُ الله في شرحه لحديث الباب: (وهذا يدل على أن المؤمن يسره ما يسر أخاه المؤمن، ويريد لأخيه المؤمن ما يريده لنفسه من الخير، وهذا كله إنما يأتي من كمال سلامة الصدر من الغِلِّ والغِشِّ والحسد، فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير، أو يساويه فيه؛ لأنه يحب أن يمتاز عن الناس بفضائله، وينفرد بها عنهم، والإيمان يقتضي خلاف ذلك، وهو أن يشركه المؤمنون كلهم فيما أعطاه الله من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء) (٢).

وعلى هذا فمن رأى من نفسه حسدًا أو غشًّا أو غِلًّا لأحد من إخوانه أو من جيرانه فليعرف أن هذا نقص في الإيمان ودليل على عدم كماله، وما أحسن مقولة الإمام الجليل أبي محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية في زمنه: (جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حسن إسلام المرء شركه ما لا يعنيه" وقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي اختصر له الوصية: "لا تغضب".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ") (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "التوضيح" (٢/ ٥١٢).
(٢) "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (١٣).
(٣) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٢/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>