للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ثم أيُّ) أي: ما الذنب الذي يلي الشرك في العِظَمِ عند الله، فـ (ثم) لتراخي الرتبة؛ أي: ثم بعد الشرك، و (أيُّ) قيل: إنه منون؛ لأنه اسم معرب غير مضاف، وقيل: غير منون؛ لأنه مضاف تقديرًا، والمضاف إليه محذوف لفظًا، والتقدير: ثم أيُّ الذنب أعظم؟ وعلى هذا فيوقف عليه بدون تنوين، وهذا هو الأقرب (١).

قوله: (خشية أن يطعم معك) وفي رواية البخاري: "تخاف أن يطعم معك" أي: من جهة إيثار نفسك عليه عند عدم وجود ما يكفي من الطعام، أو من جهة البخل مع الوجدان، قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: ١٥١] أي: من فقر حاصل، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: ٣١] أي: خشية فقر محتمل منتظر.

قوله: (ثم أن تزاني حليلة جارك) تزاني: تُفَاعِل، وهو يقتضي أن يكون هذا الفعل من الجانبين، ومعنى ذلك: أن تطاوعه المرأة على الفاحشة، فيزني بها برضاها، وذلك يقتضي الزنا وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزنا، وذلك أفحش.

وحليلة الجار: زوجته، وهي فعيلة بمعنى فاعلة من حَلَّ يَحِلُّ -بالكسر- إذ كلٌّ منهما حلال للآخر، أو من حَلَّ يَحُلُّ -بالضم- لأنها تحل معه ويحل معها.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن أكبر الذنوب وأعظمها جرمًا الشرك بالله تعالى، بان يجعل لله تعالى ندًّا في العبادة من الحب والخوف والرجاء وغير ذلك من العبادات، قال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] أي: أشباهًا ونظراء تصرفون لهم العبادة أو شيئًا منها وأنتم تعلمون أن هذه الأنداد ليست مماثلة لله تعالى، وتعلمون -أيضًا- أن الله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة.


(١) "عمدة القارئ" (١٤/ ٤٢٤)، "دليل الفالحين" (٢/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>