للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الشرك من العالم بحقيقة التوحيد أقبح من غيره، لقوله: "وهو خلقك"، قال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: وأنتم تعلمون أنه لا ربَّ لكم يرزقكم غيره، قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (١).

* الوجه الخامس: عظم شأن القتل بغير حق وأنه يلي الشرك، ويتضاعف الإثم والعقاب إذا كان المقتول ذا رحم من القاتل، كابنه الذي هو محبوب طبعًا مرحوم عادة، ويتضاعف مرة أخرى حينما يكون الهدف هو قطع المقتول من رزق الله تعالى الذي أُجري على يد القاتل، وهذا نهاية الشح، وغاية سوء الظن بالله تعالى، مع ما فيه من غلبة الجهل وغلظ الطبع والقسوة، فلما اجتمعت هذه الأوصاف صار هذا القتل يلي الشرك بالله تعالى.

* الوجه السادس: قبح الزنا وشناعته، ويعظم إثمه إذا كانت المزني بها امرأة الجار؛ لأنه زنا، ولأنه خيانة للجار، فإن الجار يتوقع من جاره حفظه والذَّبَّ عنه وعن حريمه، فإذا قابل هذا بالزنا بزوجته كان من أقبح القبائح وأعظم صور الخيانة، وفيه -أيضًا- إبطال ما أوصى الله به من حفظ حق الجار والإحسان إليه.

وفي قوله: "أن تزاني" دليل على أنها إذا لم تطاوعه فالذنب أعظم. قال النووي: (في هذا الحديث أن أكبر المعاصي الشرك، وهذا ظاهر لا خفاء فيه، وأن القتل بغير حق يليه … وأما ما سواهما من الزنا واللواط وعقوق الوالدين … وغير ذلك من الكبائر فلها تفاصيل وأحكام يعرف بها مراتبها، ويختلف أمرها باختلاف الأحوال والمفاسد المرتبة عليها، وعلى هذا يقال في كل واحدة منها هي من أكبر الكبائر … ) (٢). والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٨٧).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٤٤١) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>