للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلام فهو مأخوذ من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر مسلمًا فوق ثلاث، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرار، كل ذلك لا يرد عليه، فقد باء بإثمه" (١).

قوله: (أخاه) في الدين، وفي التعبير بالأخوة إيماء إلى الحث على التواصل والتحذير من القطيعة.

قوله: (فوق ثلاث ليال) في حديث أنس - رضي الله عنه -: "فوق ثلاثة أيام" (٢)، وهذا يفيد أن المرخص فيه ثلاثة أيام بلياليها.

قوله: (يلتقيان … ) جملة مستأنفة لمعنى الهجر بذكر بعض أفراده.

قوله: (فيعرض هذا ويعرض هذا) أي: يوليه عُرْضَهُ -بضم العين- وهو جانبه، وهذا هو الغالب في حال المتهاجرين عند اللقاء أن كلًّا منهما يعرض عن صاحبه، وفي رواية لمسلم: "فيصد هذا ويصد هذا".

قوله: (وخيرهما … ) أي: أفضلهما عند الله من يبدأ صاحبه بالسلام؛ لأن هذا المبتدئ فعل حسنة، وتسبب إلى فعل حسنة، وهي الجواب مع ما يدل عليه الابتداء من حسن الطوية وترك ما يكرهه الشارع من الهجر والجفاء.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم هجر المسلم أخاه المسلم أكثر من ثلاث ليال، وهذا منطوق الحديث، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا هجرة بعد ثلاث" (٣)، وقد ورد في تحريم الهجر أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن وغيرها. ومفهومه إباحة الهجر في الثلاث فما دونها، مراعاةً للطباع البشرية؛ لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخُلُقِ، فعُفِيَ عن الهجر في الثلاث ليذهب ذلك العارض.

وذلك لأن الأصل في الهجر بين المسلمين المنع، وما أبيح منه فهو لحاجة،


(١) رواه أبو داود (٤٩١٣) وفي صنده محمد بن خالد بن عثمة، صدوق يخطئ، وعبد الله بن المنيب المدني، لا بأس به. وقد حسنه ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (١/ ٢٥٣).
(٢) رواه البخاري (٦٠٦٥).
(٣) رواه مسلم (٢٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>