للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجاوزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه" (١).

• الوجه السادس: الحديث دليل على فضل الستر على المسلم إذا وقع منه زلة وهو لا يُعرف بين الناس بشيء من المعاصي والفسوق وانتهاك الحرمات، وعليه أن يعظه وينصحه، أما في معصية رآه عليها وهو متلبس بها، فتجب المبادرة إلى الإنكار عليه ومنعه منها إن قدر، أو رفعه إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.

أما من كان معروفًا بالفسق مشتهرًا بالمعصية، فهذا ينبغي كشف حاله وعدم الستر عليه؛ لأن الستر عليه يشجعه على الفساد ويغريه بالإجرام، ومثل هذا لا يُشفع له إذا أُخذ ولو لم يبلغ السلطان، بل يترك حتى يقام عليه الحد أو يؤدب؛ ليكشف ستره، ويرتدع أمثاله.

• الوجه السابع: الحديث دليل على فضل إعانة المسلم أخاه في أمور دينه ودنياه، وأن من كان في عون أخيه كان الله في عونه بتيسير أموره وتسهيل مطالبه، وهذا يشمل العون الحسي في العمل ونحوه، والعون المالي بمد يد المساعدة المالية بأن يسعى بجاهه لدى سلطان أو غيره في قضاء حاجة أخيه.

وقد ثبت في "الصحيحين" حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه سائل أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه ثم قال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما شاء" (٢).

ويؤخذ من هذا أنه ينبغي للمسلم أن يشتغل بقضاء حاجة أخيه فيقدمها على حاجة نفسه لينال من الله تعالى كمال الإعانة في حاجاته.

• الوجه الثامن: في الحديث دليل على أن الجزاء من جنس العمل، وذلك بأن يجازي الله تعالى العبد من جنس فعله، وهذه سنّة الله مع خلقه شرعًا وقدرًا، قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، وقال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠]. والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٢٠٧٨)، ومسلم (١٥٦٢).
(٢) رواه البخاري (١٤٣٢)، ومسلم (٢٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>