للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودعوة الناس إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وألا يحقر نفسه أو ييأس من صلاح المدعو واستقامته، بل يرشد الناس بقدر ما عنده من العلم، والتوفيقُ بيد الله تعالى، لينال بذلك الأجر العظيم، ويتأكد هذا في حق المعلم وإمام المسجد وغيرهما ممن يخاطبون عموم الأمة ولا سيما شبابها وناشئتها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمْرِ النَّعَمِ" (١).

لكن ينبغي أن يعلم أن التنويه بأهمية العمل المتعدي لا يعني إغفال العمل القاصر، أو التقليل من شأنه؛ لأن هذا الفهم أدَّى إلى خللٍ عند بعض طلاب العلم، فأهمل التعبد الخاص والعناية بخاصة أهله وأولاده بحجة الانشغال بالدعوة وتعليم العلم، والتوسط هو الحق، وهو المسلك الرشيد، تأمل قوله تعالى عن أهل الجنة: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: ١٦] وهذا شامل لإحسانهم بعبادة ربهم، وإحسانهم إلى عباد الله (٢)، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)} [الذاريات: ١٧ - ١٩] فسمى الله العبادة إحسانًا، وبدأ بالإحسان إلى النفس ونوَّه به في آيتين، ثم نوَّه بالاحسان إلى الغير في آية واحدة. والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٣٠٠٩)، ومسلم (٢٤٠٦) من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "تفسير ابن سعدي" ص (٨٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>