للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صنع وفعل معروفًا، وبالمد (آتى) أي: أعطاكم المعروف، وهو اسم جامع لكل إحسان، كما تقدم.

قوله: (فكافئوه) أي: على إحسانه بمثله أو أحسن منه.

قوله: (فإن لم تجدوا) هكذا في نسخ "البلوغ" بحذف المفعول، وهو ثابت في جميع الروايات، كلما تقدم؛ أي: فإن لم تجدوا شيئًا تكافئون به.

قوله: (فادعوا له) أي: فبالغوا في الدعاء له جهدكم، وظاهره أن الدعاء يكون بعد فعل المعروف مباشرة.

قوله: (تروا) بفتح التاء بمعنى تعلموا، بدليل رواية النسائي: "حتى تعلموا أن قد كافأتموه" (١)، وضبطها بعض الشراح بالضم، أي: تظنوا (٢).

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من استعاذ بالله تعالى من شخص بأن قال له: أعوذ بالله منك، وجبت إعاذته ودفع الشر عنه؛ لأنه يطلب النجاة والحماية، وقد استعاذ بعظيم حيث توسل بأعظم الوسائل وهو الله تعالى، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذا الحديث في كتاب "التوحيد" وبوّب عليه باب (لا يُرد من سأل بالله) قال الشارح: (أي: إعظامًا وإجلالًا لله تعالى أن يُسأل به شيء ولا يجاب السائل إلى سؤاله ومطلوبه) (٣).

ويستثنى من ذلك ما إذا استعاذ من فعل أمر واجب ولازم له، أو استعاذ من الإقلاع عن شيء محرم فإنه لا يعاذ، فالأول كما لو استعاذ بالله من أخذ الدين الذي عليه، والثاني كما لو استعاذ بالله من إنكار ما كان يفعله، فمثل هذا لا يعاذ.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من سأل بالله تعالى فإنه يعطى ولا يرد، كأن يسأل من الزكاة وهو من أهلها، أو يسأل إعانة مالية والمسؤول قادر، أو يسأل الإنظار في دَين عليه وهو يستحق الإنظار؛ لأنه لما سأل بالله صارت إجابته من تعظيم الله تعالى مع ما فيها من قضاء حاجته.


(١) "السنن" (٥/ ٨٢).
(٢) انظر: "قرة عيون الموحدين" ص (٢٧٨).
(٣) "تيسير العزيز الحميد" ص (٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>