للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنوات عند وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفيه دليل على صحة تحمل الصبي المميز وأن ما تحمله في حال صغره وأَدَّاهُ بعد بلوغه فهو مقبول.

قوله: (إن الحلال بيِّن) أي: ظاهر لا يَحتاج إلى بيان، ويشترك في معرفته كل أحد، وهو ما نص الله ورسوله على حله، أو أجمع المسلمون على حله بعينه، كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيعَ} [البقرة: ٢٧٥]، ويدخل في هذا المأكولات والمشروبات والملبوسات التي استقر عند الناس حلها.

قوله: (وإن الحرام بيِّن) أي: ظاهر، وهو ما نص الله ورسوله، أو أجمع المسلمون على حرمته بعينه، كقوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، ويدخل في ذلك الزنا، وشرب الخمر، والميتة، والخنزير، ونكاح المحارم، والمكاسب المحرمة كالربا والميسر، ونحو ذلك.

قوله: (وبينهما مشتبهات) هذا لفظ مسلم، وهي بضم الميم وسكون الشين وكسر الباء الموحدة، جمع مشتبهة، وقد ورد لفظ المفرد عند البخاري في "البيوع" (١)، ولفظ البخاري في "الإيمان": "وبينهما مُشَبَّهَات" بضم الميم وفتح الشين وتشديد الباء، وفيه روايات أخرى (٢). وهي من اشتبه الأمر: إذا لم يتضح، والمعنى: أن بين الحلال والحرام الواضحين أمورًا مشتبهة مترددة بين الحل والحرمة؛ لأنها ليست من الحلال البيِّن ولا من الحرام البيِّن.

قوله: (لا يعلمهن كثير من الناس) أي: لا يعلم كثير من الناس حكم المشتبهات من التحليل والتحريم، وليس المراد لا يعلم كثير من الناس أنها مشتبهات، وقد جاء في رواية الترمذي: "لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام" (٣).

ومفهوم قوله: (كثير) أن معرفة حكمها ممكن لكن للقليل من الناس، وهم المجتهدون، فالمشتبهات على هذا في حق غيرهم، وقد دخل فيمن لا يعلم المشتبهات صنفان: من يتوقف فيها لاشتباهها عليه، ومن يعتقدها على


(١) "صحيح البخاري" (٢٠٥١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٢٧).
(٣) "جامع الترمذي" (١٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>