للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثامن: عظم شأن القلب والحث على إصلاحه، وأنه بصلاحه يصلح كل شيء من الإنسان، وبفساده يفسد كل شيء، وصلاح القلب بأن يكون سليمًا ليس فيه إلا محبة الله، ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله، وخشية ما يباعد من الله، وضد ذلك فساد القلب، وهو الذي استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه ولو كرهه الله.

يقول الحافظ ابن رجب: (ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمة جامعة لصلاح حركات ابن آدم وفسادها، وأنَّ ذلك كله بحسب صلاح القلب وفساده، فإذا صلح القلب صلحت إرادته وصلحت جميع الجوارح، فلم تنبعث إلا إلى طاعة الله واجتناب سخطه، فقنعت بالحلال عن الحرام.

وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت الجوارح كلها وانبعثت في معاصي الله عزَّ وجلَّ وما فيه سخطه، ولم تقنع بالحلال، بل أسرعت في الحرام بحسب هوى القلب وميله عن الحق) (١).

• الوجه التاسع: في الحديث دليل على أن صلاح الباطن يستلزم صلاح الظاهر، وأن فساد الظاهر دليل على فساد الباطن، وقد يصلح الظاهر مع فساد الباطن كحال المنافقين والمرائين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (إذا قام بالقلب التصديق به -يعني بالله عزَّ وجلَّ- والمحبة له؛ لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو من موجب ما في القلب ولازمه، ودليله ومعلوله. كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له -أيضًا- تأثيره فيما في القلب. فكل منهما يؤثر على الآخر. لكن ما في القلب هو الأصل، والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه) (٢).

• الوجه العاشر: أن من طرق البيان ووسائل الإيضاح ضرب الأمثال وتشبيه المعقول بالمحسوس؛ لتقرير المعاني وترسيخها في الذهن. والله تعالى أعلم.


(١) "فح الباري" لابن رجب (١/ ٢٢٩).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٧/ ٦٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>