للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله: (ثم خرج ورأسه يقطر) دليل على أنه لم يتمسح بشيء، وهذا قول الشافعية في الصحيح عندهم من أوجه خمسة هذا أحدها (١).

وذهب الجمهور إلى أن التنشف مباح يستوي فعله وتركه؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم جعل ينفض الماء بيده ولم يَنْهَ عنه، وأما رده المنديل في حديث ميمونة فهو كما قال الحافظ واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، إما لسبب في المنديل، كعدم نظافته، أو يخشى أن يبله بالماء، وبلله بالماء غير مناسب، أو لكونه كان مستعجلاً أو غير ذلك (٢)، وعندي أن الاحتمال الأول فيه نظر.

وقال بعض العلماء: إن هذا الحديث دليل على أنه كان يتنشف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل، وقال ابن دقيق العيد: (نفضه الماء بيده دليل على أنه لا كراهة في التنشيف؛ لأن كلًّا منهما إزالة) (٣).

وقد جاء عند أبي داود في حديث ميمونة رضي الله عنها من طريق الأعمش، عن سالم، عن كريب به. وفي آخره قول الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم - يعني النخعي - فقال: كانوا لا يرون بالمنديل بأساً، ولكن كانوا يكرهون العادة (٤)، والمعنى أن السلف لا يرون بالمنديل بأساً، ولكنهم يكرهونه مخافة أن يصير عادة بعد الوضوء (٥)، والله تعالى أعلم.


(١) "المجموع" (١/ ٤٦١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٣٦٣).
(٣) "إحكام الأحكام" (١/ ٣٨٦).
(٤) "سنن أبي داود" (٢٤٥).
(٥) انظر: "بلوغ الأماني" (٢/ ١٣٦ - ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>