للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السادس: الحديث دليل على أنه يكتفى بغسل الجسد مرة واحدة ولا يكرر، لقولها: (ثم أفاض على سائر جسده) فلم تقيده بعدد، فيحمل على أقل ما يسمى، وهو المرة الواحدة؛ لأن الأصل عدم الزيادة، وقد بوَّب البخاري على حديث ميمونة «باب الغسل مرة واحدة» وفيه: (ثم أفاض على جسده) (١).

والمشهور من مذهب الحنابلة أنه يغسل جسده ثلاث مرات، قياساً على أعضاء الوضوء؛ لأنه يشرع فيها التثليث.

والصحيح الأول، وهو أنه لا يشرع تثليث غسل الجسد، بل يغسل مرة واحدة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (من نقل غُسْلَ النبي صلّى الله عليه وسلّم كعائشة وميمونة رضي الله عنهما لم ينقل أنه غسل بدنه كله ثلاثاً، بل ذكر أنه بعد الوضوء وتخليل أصول الشعر حثا حثية على شق رأسه، وأنه أفاض الماء بعد ذلك على سائر بدنه) (٢).

والذين استحبوا الثلاث إنما ذكروه قياساً على الوضوء، والسنة قد فرقت بينهما، قال الزركشي: (وهو ظاهر الأحاديث) (٣).

الوجه السابع: استدل بهذا الحديث من قال باستحباب ترك التنشف بالمنديل بعد الغسل أو الوضوء، لقولها: (ثم أتيته بالمنديل فرده)، وفي رواية: (فناولته ثوباً فلم يأخذه، وانطلق وهو ينفض الماء) (٤)، ولأن ما على البدن أو على أعضاء الوضوء هو من أثر العبادة، فينبغي بقاؤها، ويدل لذلك - أيضاً - حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياماً، فخرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا: «مكانكم»، ثم رجع فاغتسل، ثم خرج ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه (٥).


(١) "فتح الباري" (١/ ٣٦٨).
(٢) "الفتاوى" (٢٠/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(٣) "شرح مختصر الخرقي" (١/ ٣١١).
(٤) "صحيح البخاري" (٢٧٦).
(٥) أخرجه البخاري (٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>