للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها في قولها: (ثم يتوضأ)، وفي رواية للبخاري: (ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة)، وعند البخاري ومسلم: (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة)، وهكذا جاء في حديث ميمونة في رواية عند البخاري ومسلم، ظاهر ذلك أنه غسل رجليه، وظاهر حديث ميمونة عند البخاري في رواية: (توضأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وضوءه للصلاة غير رجليه) أنه لم يغسل رجليه مع وضوئه، وإنما أخرهما إلى نهاية الغسل، لقولها في رواية: (ثم تنحى فغسل رجليه)، وفي رواية للبخاري من حديث عائشة: (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة)، وفي آخره قالت: (ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه)، وقد تقدم تفرد أبو معاوية بذكر غسل الرجلين بعد الوضوء ونهاية الغسل، فإما أن تكون هذه الرواية معلولة، أو تحمل على حديث ميمونة، ويكون المراد بقولها: (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة) غير رجليه (١)، أو يحمل على جواز الأمرين: غسلهما مع الوضوء، أو تأخير غسلهما.

الوجه الخامس: لم يرد في هذا السياق ذكر المضمضة والاستنشاق، وورد ذكرهما في حديث ميمونة عند البخاري بلفظ: (ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه وأفاض على رأسه) (٢)، والظاهر أنهما داخلان في عموم قولها: (ثم توضأ وضوءه للصلاة) وقد نقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء في غسل الجنابة غير واجب، والمضمضة والاستنشاق من توابع الوضوء، فإذا سقط الوضوء سقطت توابعه (٣)، لكن تعقبه الحافظ بأن جماعة من أهل العلم ذهبوا إلى وجوبه، منهم أبو ثور، وداود الظاهري (٤).

وقد ذهبت الحنفية - كما ذكر الحافظ - إلى وجوب المضمضة والاستنشاق، لفعله صلّى الله عليه وسلّم، ويكون هذا من باب بيان الغسل المأمور به في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، واختار هذا الشيخ عبد العزيز بن باز (٥).


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٣٦١).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٥٩).
(٣) "شرح ابن بطال" (١/ ٣٧٥).
(٤) "فتح الباري" (١/ ٣٦٠).
(٥) "فتح الباري" (١/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>