للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه السادس: ينبغي أن يعلم أن أحكام التشبه على جهة التفصيل لا يمكن الإحاطة بها؛ لأن هذا يختلف باختلاف نوع التشبه وما يتضمن من المفاسد ولا سيما في هذا الزمان، بل لا بد من عرض كل مسألة على نصوص الشريعة وقواعدها ومقاصدها، والقاعدة في هذا أن كل تشبه تضمن مفسدة فإن المسلم ممنوع منه، وتكون قوة المنع بحسب عظم هذه المفسدة.

أما ما زال عن كونه شعارًا للكفار بسبب انتشاره بين المسلمين وزوال اختصاص الكفار به فهذا يجوز فعله ما لم يكن حرامًا لعينه، وهذا خاص بالعادات، أما العبادات وما في بابها فهو خاص بهم على كل حال.

ومن أمثلة هذا ما ذكر ابن حجر من أن الطيالسة (١) كانت شعارًا لليهود، وقد ارتفع في زمانه ذلك، فصار لبسها داخلًا في عموم المباح، ومثل لبس البنطال عند بعض المعاصرين، فهذا قد زال اختصاص الكفار به فأصبح مباحًا على هذا القول، والنفس لا تطمئن إلى إباحته.

لكن قد ينهى عن مثل ذلك؛ سدًّا للذريعة، ولما يترتب عليه من مفاسد، أهمها: إحساس المسلمين بالنقص والضعف، ثم الإعجاب بما عليه الكفار الذي يؤدي إلى محبتهم والثقة بهم، مع ما يلاحظ من التبعة والمسؤولية على من بادر من آحاد المسلمين، وكان سببًا في فتح الباب ونشر عادات الكفار بين المسلمين (٢).

ويبدو أن الفقهاء المتقدمين لم يكثروا من تفصيلات الأحكام الفقهية في موضوع التشبّه بالكفار -مع كثرة النصوص في هذا الباب- ولعلّ السبب في ذلك -والله أعلم- أن التشبه لم يكن موجودًا في زمانهم بمثل ما هو عليه الآن من هذا التوسع والانتشار.

° الوجه السابع: موضوع التشبه قد عمت به البلوى في هذه الأزمنة، ولا سيما في زينة المرأة ولباسها، والتبست أحكامه على كثير من الناس، ومن


(١) جمع طيلسان وهو نوع من اللباس يطرح على الرأس. "كشاف القناع" (١/ ٢٨٤).
(٢) "التشبه المنهي عنه" ص (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>