للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (يحفظك) هذا هو الجزاء، فمن حفظ حدود الله تعالى حفظه الله في دينه ودنياه، وحِفْظُهُ في دينه أن يحفظ عليه إيمانه من الشبهات المضلة والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الإيمان، ويحفظ له دنياه بحفظه في بدنه وأهله وأولاده وذريته، وحفظه في ماله، فيوفقه لاكتسابه من حِلِّه وإنفاقه في مواضعه، ومن هذا حفظه في صحة بدنه وأعضائه وسلامة فكره وقوة عقله.

قوله: (احفظ الله تجده تجاهك) بضم التاء وفتح الهاء، أصله: وُجاهك بضم الواو أو كسرها، ثم قلبت تاء، ومعناها: أمامك، كما جاء في رواية عند أحمد (١)، والمعنى: تجده يحوطك ويرعاك في أمور دينك ودنياك، يدلك على كل خير، ويذود عنك كل شر، وهذه الجملة مؤكدة لما قبلها.

قوله: (وإذا سألت فاسأل الله) هكذا في بعض نسخ "البلوغ"، ثبات الواو، وفي المخطوطة بحذفها، وهو الموافق لما في "جامع الترمذي"، والمعنى: إذا أردت أن تسأل شيئًا من أمور دينك أو دنياك فاسأل الله وحده دون غيره.

قوله: (وإذا استعنت فاستعن بالله) أي: إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدين أو الدنيا فاستعن بالله وحده؛ لأنه القادر على كل شيء، وغيره العاجز، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (الاستعانة: هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك) (٢).

• الوجه الثالث: في الحديث درس تربوي وهو التواضع للصغار وتعليمهم ما ينفعهم، ونظير هذا ما تقدم في حديث عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا غلام سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك" (٣).

وفي هذا دلالة بيّنة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر عنايته بالتوجيه على


(١) "المسند" (٥/ ١٨، ١٩).
(٢) انظر: "مدارج السالكين" (١/ ٧٥)، "تفسير ابن سعدي" ص (٣٩).
(٣) الحديث متفق عليه، وقد تقدم شرحه في باب "الوليمة" برقم (١٠٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>