للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البالغين، بل إن عنايته امتدت لتشمل الأطفال، فعلى الآباء والمربين العناية بالناشئة منذ نعومة أظفارهم؛ لينشأوا على صفاء العقيدة وعلى الأخلاق الكريمة والمُثُل العليا.

• الوجه الرابع: في الحديث دليل على فضل ابن عباس - رضي الله عنهما - حيث رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلًا لهذه الوصايا العظيمة مع صغر سنه.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن من حفظ حدود الله تعالى وراعى حقوقه حفظه الله في دينه ودنياه؛ لأن الجزاء من جنس العمل، كما قال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧]، وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢].

أما من أضاع حدود الله تعالى وقصر في أوامر ونواهيه، فإنه لا يحصل له الحفظ من الله تعالى، كما قال تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧]، قال بعض السلف: (من اتقى الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه، والله غني عنه) (١).

• الوجه السادس: في الحديث تحقيق التوحيد بالاستغناء بالله تعالى عن خلقه، وذلك بإفراد الله تعالى بالسؤال، وهذا يتضمن النهي عن سؤال غيره من الخلق، والله تعالى قد أمر بسؤاله، فقال: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٣٢].

وسؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلًا وشرعًا؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وهذا لا يصلح إلا لله تعالى وحده، وهذا غاية المحبة الصادقة، وهذه حقيقة العبادة؛ ولأن سؤال الله تعالى عبودية عظيمة؛ لأنها إظهار الافتقار إليه والاعتراف بقدرته على قضاء الحوائج، وفي سؤال المخلوق ظلم؛ لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها فكيف يقدر على ذلك في حق غيره، وسؤاله إقامةً له مقام من يقدر وليس بقادر.


(١) "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>