للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثالث: يذكر العلماء هذا الحديث لبيان فضل زهد المرء عما في أيدي الناس والاستغناء عنهم، وأن هذا سبب لمحبة الناس إياه؛ لأن الطباع قد جبلت على استثقال من يسأل الناس، ويطمع فيما في أيديهم، فمن رغب عما في أيديهم أحبوه، وإذا أحبوه حصل له خيرهم، وسلم من شرهم، وإذا طلب ما في أيديهم كرهوا لقاءه، وكرهوا قربه، ولم يسلم من شرهم.

قال الحسن: (لا تزال كريمًا على الناس ما لم تَعاطَ ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك استخفوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك) (١).

وقال ابن رجب: (تكاثرت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس والاستغناء عنهم، فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه؛ لأن المال محبوب لنفوس بني آدم، فمن طلب منهم ما يحبون، كرهوا ذلك) (٢).

ولا يمنع هذا أن يسألهم ما له فيه حق كالزكاة إذا كان من أهلها وأراد أن ينبههم إلى ذلك، وكذا القرض والاستدانة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مع نية السداد، وقد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا وهو إمام الزاهدين. والله تعالى أعلم.


(١) "جامع العلوم والحكم" حديث (٣١).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>