للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أعلّ هذا الحديث بأن العلماء تكلموا في سماع يحيى بن جابر الطائي من المقدام، فقد قال أبو حاتم: (يحيى عن المقدام مرسل)، وهذا هو ظاهر صنيع البخاري في "تاريخه" وعلى هذا مشى المزي، ومن بعده الحافظ ابن حجر (١).

والذين رووا الحديث كلهم قالوا: عن المقدام، إلا أحمد ففي إسناده التصريح بالسماع كما تقدم، وقد رواه الطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، والخطيب في "الموضح" (٢/ ١٢٥) من طريق أبي المغيرة وفيه: عن -وهو الذي رواه عنه أحمد- فإذا أضيف إلى هذا جزم الحفاظ بان رواية يحيى عن المقدام مرسلة تبين أن ما في "المسند" محل نظر.

ولهذا الحديث طرق أخرى كلها ضعيفة، وقد صحح الترمذي هذا الحديث، وكأنه لم يلتفت إلى انقطاعه، وحسّنه الحافظ في "فتح الباري" (٢) مع أنه نص -كما تقدم- على انقطاعه.

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (وعاء) بكسر الواو هو الظرف، والتعبير بلفظ الوعاء فيه توهين شأنه حيث جعل البطن كالأوعية التي تتخذ ظروفًا لحوائج البيت.

قوله: (شرًّا من بطن) أي: أشد ضررًا عليه من ملء بطنه، وهو صفة لوعاء، وجعله شر الأوعية لأنها استعملت فيما هي له، والبطن خلق لأن يتقوم به الصلب بالطعام، وامتلاؤه يفضي إلى المضرة، فيكون شرًّا منها (٣).

• الوجه الثالث: في الحديث بيان الأدب الشرعي الذي ينبغي أن يكون عليه الآكل في مقدار أكله، وأنه يكفيه أكلات أو لقيمات يقمن صلبه، وهذا من الزهد المحمود، فإن كان لا بد من الشبع فليجعل الأكل بمقدار الثلث، والثلث الثاني للشرب، والثلث الثالث للنفس، قال ابن رجب: (هذا الحديث


(١) "المراسيل" ص (٢٤٤)، "التاريخ الكبير" (٨/ ٢٦٥)، "تهذيب الكمال" (٣١/ ٢٤٩)، "تهذيب التهذيب" (١١/ ١٦٨).
(٢) (٩/ ٥٢٨).
(٣) "تحفة الأحوذي" (٧/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>