للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسأله، فتمنعه حكمته أن يسأل، فلما فرغ منها صَبَّهَا على نفسه، وقال: نعم درع الحرب هذه، فقال لقمان: إن الصمت من الحكم وقليل فاعله، كنت أريد أن أسألك فسكت حتى كفيتني.

وهذا السياق للحاكم والبيهقي، أما ابن حبان فقد ساقه مختصرًا مقتصرًا على مقولة لقمان.

قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)، وسكت عنه الذهبي.

وقال البيهقي عن الإسناد الأول: (غلط في هذا عثمان بن سعد … )، وقال عن رواية ثابت هذه: (هذا هو الصواب عن أنس أن لقمان قال: الصمت حِكَمٌ وقليل فاعله).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (الصمت) مصدر صَمَتَ يَصْمُتُ من باب قتل: إذا سكت، والصمت: هو الإمساك عن قول الباطل دون الحق.

وبهذا يفرق بين الصمت والسكوت، فإن السكوت إمساك عن الكلام حقًّا كان أو باطلًا، أما الصمت فهو إمساك عن الكلام الباطل دون الحق.

قوله: (حِكَمٌ) بكسر الحاء وفتح الكاف جمع حكمة، وقد جاءت بلفظ الجمع عند البيهقي وغيره، وهو المثبت في المخطوطة، ووقع في بعض نسخ "البلوغ" بلفظ المفرد، وهي التي عليها شرح المغربي، ثم الصنعاني (١).

والحِكْمة مشتقة من الحَكَمَة - بالتحريك - وهي لجام الدابة التي تذللها لراكبها حتى تمنعها الجماح ونحوه، والحكمة تحفظ صاحبها من أخلاق الأرذال، وتمنعه من التكلم بما لا يعني (٢).

قوله: (وقليل فاعله) أي: قلّ من الناس من يحرص على الصمت ويتخلق به.


(١) انظر: "البدر التمام" (٥/ ٢٦٧) "سبل السلام" (٨/ ٢٦٦).
(٢) "المصباح المنير" ص (١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>