للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث أنس - رضي الله عنه - فقد رواه ابن ماجه (٤٢١٠) من طريق عيسى بن أبي عيسى الحناط، عن أبي الزناد، عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفئ الخطيئة كما بطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن، والصيام جُنَّة من النار".

وهذا سند ضعيف جدًّا، فيه عيسى الحناط الغفاري أبو موسى ويقال: أبو محمد المدني، قال أحمد وابن معين: (ليس بشيء)، وقال أبو داود والنسائي والدارقطني: (متروك الحديث)، وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي، مضطرب الحديث)، وقال ابن عدي: (أحاديثه لا يتابع عليها متنًا ولا سندًا) (١).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (إياكم والحسد) هذا أسلوب تحذير، فـ (إياكم) ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف وجوبًا، والتقدير: إياكم أُحذر، والأصل: أحذركم، ثم قدم الضمير لإفادة الحصر، ولما كان ضميرًا متصلًا لا يستقل بنفسه أُتي بالضمير المنفصل الذي يفيد معناه، والحسد: الواو عاطفة، والحسدَ: مفعول به لفعل محذوف وجوبًا تقديره: احذروا الحسد، والجملة معطوفة على ما قبلها لا محل لها.

والحسد: هو تمني زوال النعمة عن المحسود، سواء أحصلت له أو لم تحصل، وسواء أكانت دينية أو دنيوية.

أما تمني مثلها فهو غبطة، فإن كان في الدين كالعلم الشرعي والعبادة فهو محمود. واعتبار الحسد هو تمني زوال النعمة هو المشهور عن العلماء في تعريفه، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حُسْنِ حال المحسود (٢)، وقال ابن رجب: (الحسد مركوز في طباع البشر، وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل) (٣).


(١) "الجرح والتعديل" (٦/ ٢٨٩)، "تهذيب التهذيب" (٨/ ٢٠١).
(٢) "مجموع الفتاوى" (١٠/ ١١١).
(٣) "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>