للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما كونه ضررًا عليك في الدين: فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى، وكرهت نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقدمه في ملكه … وقد انضاف إلى ذلك أنك غششت رجلًا من المؤمنين وتركت نصيحته، وفارقت أولياء الله وأنبياءه في حبهم الخير لعباده تعالى، وشاركت إبليس وسائر الكفار في محبتهم للمؤمنين البلايا وزوال النعم، وهذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب كما تأكل النار الحطب، وتمحوها كما يمحو الليل النهار.

أما كونه ضررًا عليك في الدنيا: فهو أنك تتالم بحسدك في الدنيا أو تتعذب به ولا تزال في كَمَدٍ وغَمِّ؛ إذ أعداؤك لا يُخلّيهم الله تعالى عن نعم يفيضها عليهم، فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها، وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم، فتبقى مغمومًا محرومًا متشعب القلب ضيق الصدر …

وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه فواضح؛ لأنّ النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدره الله تعالى من إقبال ونعمة فلا بد أن يدوم إلى أجل غير معلوم قدره الله سبحانه، فلا حيلة في دفعه بل كل شيءٍ عنده بمقدار، ولكل أجل كتاب) (١).

وسيأتي - إن شاء الله - مزيد كلام عند شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المشار إليه. والله تعالى أعلم.


(١) "إحياء علوم الدين" (٣/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>