للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تؤدي إلى إضعاف انفعال الغضب وتهدئته، وتمنع من رد الفعل أو التشفي (١).

وكظم الغيظ: رده في الجوف إذا كاد أن يخرج من كثرته، فضبطه ومنعه كظم له، يقال: كَظَمَ غيظه: اجترعه، وأصل الكظم: شَدُّ رأس القربة عند امتلائها (٢).

وليس معنى كظم الغيظ حفظه في القلب فيتحول إلى ضغينة، فخير من ذلك ألا يُكظم أصلًا وأن يُترك يتفجر، إنما المقصود ضبطه إلى أن يهدأ، وتصريفه في هدوء حتى ينتهي بالعفو عن المسيء (٣).

ولا ريب أن الكظم وتعويد النفس على اجتراع الغضب نوع من الغلبة المتميزة والانتصار الذي لم يعهده الناس؛ لأن القوة عندهم بالغلبة في المصارعة ونحوها.

وفي هذا تنبيه إلى أهمية الوظيفة التي يقوم بها من يكبح غضبه ويكظم غيظه، حيث إن هذه نوع من المصارعة والمواجهة مع الغضب والنفس والشيطان، يخرج فيها المرء منتصرًا على أهم أعدائه، وقد ذكر البخاري في "صحيحه" تعليقًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: ٩٦] قال: (الصبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عصمهم الله وخضع لهم عدوهم) (٤). والله تعالى أعلم.


(١) راجع: رسالة "الغضب" للدكتور: عبد العزيز النغيمشي.
(٢) "مختار الصحاح" ص (٥٧٢).
(٣) "دراسات قرآنية" لمحمد قطب ص (٣٥٧).
(٤) "فتح الباري" (٨/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>