للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا بحديث عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لها: «انقُضي رأسك وامتشطي» (١).

وعند ابن ماجه: «انقضي رأسك واغتسلي» (٢)، وقد شك الألباني في لفظة: (واغتسلي)، لكون الحديث في الصحيحين بدونها (٣)، وهذا الحديث وإن كان في غسل الإحرام؛ فإن أمره بالنقض في هذا الغسل وهو غير رافع لحدث الحيض تنبيه على وجوب نقضه إذا كان رافعاً لحدثه من باب أولى.

والقول الأول أرجح، وهو أنه لا يجب نقض الرأس عند الغسل من الحيض لقوة أدلته، ومما يقويه إنكار عائشة رضي الله عنها على عبد الله بن عمرو، كما تقدم، فهذا يدل على أنه ليس بواجب، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الشعر ملبداً لا يصل الماء إلى أصوله بالصب، فيجب نقضه عند ذلك.

أما أدلة القول الثاني: فإن حديث عائشة ليس فيه أمر بالغسل في رواية الصحيحين، ولو سلم بالأمر بالغسل لم يكن فيه حجة؛ لأن ذلك ليس هو غسل الطهارة من الحيض، وإنما أمرت بالغسل في حال الحيض للإحرام بالحج (٤)، لقولها: (أدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي»)، ولو ثبت الأمر به حمل على الاستحباب، جمعاً بينه وبين حديثها المذكور في الباب.

والحكمة من التفريق بين الجنابة والحيض - عند القائل به - هو أن الأصل وجوب نقض الشعر، ليتحقق وصول الماء إلى ما يجب غسله، فعفي عنه في غسل الجنابة؛ لأنه يكثر فيشق ذلك فيه، بخلاف الحيض فالغالب أنه في الشهر مرة، فلا مشقة في نقضه، فيبقى على مقتضى الأصل، وهو الوجوب، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٣١٦)، ومسلم (١٢١١).
(٢) "سنن ابن ماجه" (١/ ٢١٠)، وانظر: "الصحيحة" للألباني رقم (١٨٨).
(٣) "الإرواء" (١/ ١٦٧).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>