للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا لم يثبت سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فحديثه من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة، فالحديث حسن، وقال المنذري: (إسناده جيد) (١)، وقال العراقي: (رجاله ثقات) (٢).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (أخوف ما أخاف عليكم) أي: أَشَدُّ خَوْفٍ أخافه عليكم، والخطاب للمسلمين، وليس لعموم الناس.

قوله: (الشرك الأصغر) بالرفع خبر إن، وهو ما جاء في النصوص أنه شرك ولم يصل إلى حد الأكبر، ووجه كون الرياء من الشرك أن المرائي إذا عبد الله تعالى فهو بمراءاته الناس أشرك بتلك العبادة من يرائيهم.

قوله: (الرياء) بالرفع بدل من الشرك أو عطف بيان، وهو مصدر راءاه يرائيه رياءً ومراءاة، وهو مأخوذ من الرؤية.

واصطلاحًا: إظهار الشخص العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدونه عليها (٣).

والفرق بين الرياء والسمعة: أن الرياء في الفعل، والسمعة في القول؛ كالقراءة والذكر والوعظ والإرشاد، وأبواب الرياء كثيرة. نسأل الله السلامة.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على شدة خطر الرياء، وأنه أشد ما يُخاف على المسلم، وذلك لخفائه وتطلع النفس إليه، وارتباطه بالقلب؛ إذ لا يُعلم ما في قلب صاحبه، وهو من الشرك الأصغر؛ لأنه قَصَدَ بعمله غير الله تعالى، ولهذا وردت تسميته في بعض الأحاديث بالشرك الخفي؛ لأن صاحبه يظهر أن عمله لله تعالى، ويخفي في قلبه أنه لغيره، وقد دلت النصوص على بطلان العمل الذي صاحبه رياء، قال تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ}


(١) "الترغيب والترهيب" (١/ ٦٨، ٦٩).
(٢) "تخريج الأحياء" (٣/ ٢٩٤).
(٣) "فتح الباري" (١١/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>