للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلْدًا} [البقرة: ٢٦٤]. وثبت في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (١). وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومن راءى راءى الله به" (٢).

فالرياء محبط للأعمال، مبطل ثوابها؛ لأن المرائي عابد لغير الله تعالى، وقد ذمه الله تعالى في كتابه وجعله من صفات المنافقين في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلًا (١٤٢)} [النساء: ١٤٢]،، والرياء يجرد الأعمال من تأثيرها الطيب على سلوك المسلم وتنعدم آثارها، {فَوَيلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٤ - ٧].

وليس من الرياء حَمْدُ الناسِ العبدَ على عمل الخير دون قصد منه، بل هذا من عاجل بشرى المؤمن، كما ورد في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" (٣). ومثل هذا نشاط العبد في عمل الخير عند رؤية العابدين؛ كنشاط بعض الناس في رمضان عندما يرى من يتلو القرآن، أو يصلي القيام، ونحو ذلك.

• الوجه الرابع: العبادة إذا خالطها رياء فهي من حيث البطلان وعدمه قسمان:

الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس، كمن صلى لقصد رؤية الناس أنه يصلي وهو في الواقع ليس كذلك، فهذا شرك، والعبادة باطلة، كما تقدم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهذه حال المنافقين في صلاتهم، أما


(١) "صحيح مسلم" (٢٩٨٥).
(٢) رواه مسلم (٢٩٨٦).
(٣) رواه مسلم (٢٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>