للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤمن فلا يكاد يصدر منه ذلك في فرض صلاة ولا صوم.

الثاني: أن يكون الباعث على العبادة وجه الله تعالى، ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة، فإن دافع الرياء ولم يسكن إليه، بل أعرض عنه وكرهه، فهذا لا يؤثر مطلقًا؛ لأنه جاهد نفسه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أوتتكلم" (١).

وإن استرسل مع الرياء واطمأن إليه، بطلت العبادة إذا كان آخرها مبنيًّا على أولها كالصلاة، فإن كان آخرها لا يُبنى على أولها، بطل ما فيه رياء، دون ما ليس فيه رياء، مثل: رجل عنده مائة ريال للصدقة، فتصدق بخمسين وراءاى في الخمسين الثانية، فالأولى مقبولة، والثانية غير مقبولة.

ويذكر بعض العلماء قسمًا ثالثًا: وهو أن يكون الباعث على العبادة وجه الله تعالى ثم يطرأ الرياء بعد الفراغ منها، فهذا لا يؤثر، لكن قد يكون من باب نقل العمل من السر إلى العلانية (٢).

• الوجه الخامس: شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته ورحمته بهم وتحذيره مما يخاف عليهم، حيث خاف النبي - صلى الله عليه وسلم - من وقوع الرياء في الأمة خوفًا شديدًا.

وقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل على أمته على خبر ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما بعلمه لهم … " الحديث (٣).

ومعالجة الرياء تحتاج مجاهدة شديدة، وذلك بالخوف منه؛ لأن من خاف شيئًا صار منه على حذر، ثم بدفع ما يعرض من خاطر الرياء، وأن يعود المسلم نفسه على إخفاء العبادة والبعد عن الناس، ولا سيما في نوافل الطاعات، مع صدق الالتجاء إلى الله تعالى بسؤاله العافية.

• الوجه السادس: في الحديث دليل على أن الشرك ينقسم إلى أكبر


(١) الحديث متفق عليه، انظر: شرح الحديث (١٠٨٥).
(٢) "القول المفيد" (٢/ ١١٤، ٢٢٧).
(٣) "صحيح مسلم" (١٨٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>