للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الشيء، و (أل) في المنافق للجنس، وكان القياس جمع المبتدأ (آية) ليطابق الخبر الذي هو ثلاث، وقد أجيب عن ذلك بعدة أجوبة، أحسنها: أن (الثلاث) اسم جمع، ولفظه مفرد، أو أن (آية) مفرد مضاف، فيعم، كأنه قال: آياته ثلاث (١).

والمنافق: اسم فاعل من نافق الرباعي، وهو مشتق من أحد جحري اليربوع الذي يقال له: النافقاء؛ لأن اليربوع إذا حفر جحره جعل له مخرجًا يرققه ويخففه، فإذا أُتي من قبل القاصعاء الذي يظهره ويقصع منه؛ أي: يخرج، ضرب النافقاء برأسه فانتفق؛ أي: خرج، فكما أن اليربوع يكتم النافقاء، ويظهر القاصعاء، كذلك المنافق يكتم الكفر، ويظهر الإيمان.

والمراد بالنفاق في هذا الحديث: نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك.

قوله: (إذا حدث كذب) أي: إذا تكلم مع غيره أخبر بخلاف الواقع، ومجيء (إذا) الشرطية في الجمل الثلاث فيه تنبيه على أن هذه عادة المنافق؛ لأن (إذا) تدل على تحقق الوقوع، وقال الخطابي: (كلمة "إذا" تقتضي تكرار الفعل) (٢).

قوله: (وإذا وعد أخلف) أي: إذا وعد بشيء في المستقبل (أخلف) أي: جعل الوعد خلافًا وذلك بأن لا يفي به، وعطف هذا على ما قبله مع أن إخلاف الوعد من الكذب؛ لأن الخلف قد يكون بالفعل وهو غير الكذب، أو للتنبيه على زيادة قبحه، فيكون من باب عطف الخاص على العام.

قوله: (وإذا اؤتمن خان) بضم التاء مبنيًّا لما لم يسم فاعله، وهو من الائتمان؛ أي: وإذا جعل أمينًا على شيء خان في هذه الأمانة وتصرف فيها على خلاف الشرع، وقال ابن سيده: (الخيانة: أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح)، وهذا أعم (٣).


(١) "عمدة القارئ" (١/ ٢٥٢)، "شرح القسطلاني" (١/ ١٩٣).
(٢) "أعلام الحديث" (١/ ١٦٨)، "عمدة القارئ" (١/ ٢٥٣).
(٣) "عمدة القارئ" (١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>