للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإذا خاصم فجر) أي: إذا خاصم شخصًا مال عن الحق واحتال في رده وإبطاله وتكلم بالباطل؛ لأن الفجور: هو الميل عن القصد.

ولا منافاة بين قوله في حديث ابن عمرو: أربع، وفي حديث أبي هريرة: ثلاث؛ لأن مفهوم العدد غير حجة ما لم توجد قرينة؛ ولأن الشيء الواحد قد يكون له علامات، فتارة يذكر بعضها، وتارة تذكر جميعها أو أكثرها، وقال القرطبي: (يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استجد له من العلم بخصال المنافقين ما لم يكن عنده، إما بالوحي، وإما بالمشاهدة لتلك منهم) (١).

والمنافق له خصال أُخر مذمومة، وقد يكون تخصيص هذه الخصال بالذكر؛ لأنها أظهر عليهم من غيرها عند مخالطتهم المسلمين، أو لأنها هي التي يضرون بها المسلمين.

• الوجه الثالث: شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته ونصحه لهم حيث حذرهم من النفاق بذكر علامات المنافق وأوصافه، ليكون المسلم على بينة من ذلك، ويحذر أن يقع في شيء من هذه العلامات، وقد كان الصحابة - رضي الله عنه - يخافون النفاق على أنفسهم. قال البخاري: (قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه … ) (٢).

ومما يدل على خطر النفاق العملي أنه وسيلة وذريعة إلى النفاق الأكبر وهو نفاق الاعتقاد، كما أن المعاصي بريد الكفر، فيخشى على من أصر على خصال النفاق أن يسلب الإيمان، فيصير منافقًا خالصًا، نسأل الله السلامة.

• الوجه الرابع: في الحديث دليل على تحريم الكذب في الحديث وأنه من علامات النفاق؛ لأن الكاذب في حديثه قد أساء إلى نفسه في هذا الخلق السيئ والصفة الذميمة، وأساء إلى مخاطبه حيث أوهمه أنه صادق في حديثه معه مع أنه كاذب، وأساء إلى مجتمعه حيث صار عضوًا فاسدًا بسبب هذه الخصلة.


(١) "المفهم" (١/ ٢٥١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>