• الوجه الثالث: في الحديث دليل على حرص الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - على الخير؛ لأن هذا الصحابي طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوصيه وصية جامعة لخصال الخير؛ ليحفظها عنه ويعمل بها.
• الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن معالجة الغضب تكون بقطع أسبابه وجوالبه وممهداته، وتدريب النفس على التحمل، وتخفيف الغضب بالرياضة والتمارين والاكتساب، فيبتعد عن الأسباب المثيرة للغضب؛ كالسباب والمِراءِ والمنازعات وصحبة السفهاء، وكون الإنسان يغضب لأتفه الأمور التي يراها في بيته أو من أهله أو أولاده، وعلى الإنسان أن يتدرب على حل مشكلاته التي تعترضه بدلًا من الغضب والهياج كلما صادفته مشكلة أو اعترضه عائق، وهذا التوجيه النبوي في حديث الباب هو ما يسمى عند علماء النفس بالجانب الوقائي، وهذا يُعنى بمعالجة الغضب قبل حدوثه.
وقد تقدم عند شرح الحديث الثالث في هذا الباب معالجة الغضب أثناء حدوثه بالكظم وهو إضعاف الغضب وتهدئته، فهاتان حالتان.
وبقيت الحالة الثالثة وهي معالجته بعد حدوثه، وذلك بالأمور الآتية:
١ - الاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ لأنه مصدر الغضب ومعززه، وقد ورد عن سليمان بن صرد - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فقال الرجل: وهل ترى بي من جنون؟. وفي رواية للبخاري: فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال:"تعوَّذ بالله من الشيطان"، فقال " أَتُرى بي بأسًا؟ أمجنون أنا؟ اذهب (١).
فالاستعاذة وترديدها مع تذكرها والتفكر فيها علاج مباشر لسببٍ رئيسٍ لحدوث الغضب وهو الشيطان، ولكن هذا الجانب من العلاج يحتاج إلى