للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استعداد وقوة وتعويد للنفس على استعماله وممارسته، ومن فقد ذلك لم يقدر على هذا العلاج، ولهذا فإن هذا الرجل لم يُبْدِ استعداده للمعالجة، ولم يدرك قيمة الاستعاذة ومعانيها الإدراك الكامل، فقال: وهل ترَى بي من جنون؟. قال النووي: (فهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة، وتوهم أن الاستعاذة خاصة بالمجنون، ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان … ويحتمل أن هذا القائل كان من المنافقين أو من جفاة الأعراب، والله أعلم، أوكان غلب عليه الغضب حتَّى أخرجه عن الاعتدال) (١).

٢ - تغيير الحالة التي هو عليها حال الغضب إلى حالة أقرب منها إلى التواضع والخضوع؛ لأن الكبر والاستعلاء قرينان للغضب، وقد أرشد إلى هذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن أحس بشيء فليلصق بالأرض … " (٢)، وذلك لأنه منها خلق، وفيها يعاد مهما تكبّر وتعالى وتجبّر.

٣ - إطفاء الغضب بالماء وذلك بالوضوء؛ لأن الغضب يثير حرارة في الجسم، والماء يخمد الحرارة، ويبرد الجسم، فيعود إلى طبعه حيث يمر الماء على الجوارح المتأثرة من الوجه والفم واليدين والرجلين، وهي الأعضاء المستعدة للحركة والبطش والانتقام، وقد دل على ذلك حديث عطية السعدي بينه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنَّما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" (٣).


(١) "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٦/ ٤٠٠).
(٢) رواه الترمذي (٢١٩١)، وأحمد (١٧/ ٢٢٧)، وقال التِّرمِذي: (حديث حسن) وفيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
(٣) رواه أَبو داود (٤٧٨٤)، وأحمد (٢٩/ ٥٠٥) وسنده ضعيف، لكن قوله: "الغضب من الشيطان" يشهد له حديث سليمان بن صرد الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>