للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (فيما يروي عن ربه) أي: فيما يخبر به عن ربه تبارك وتعالى، وهذه إحدى صيغ الحديث القدسي.

قوله: (قال) أي: قال الله تعالى.

قوله: (يا عبادي) جمع عبد، والمراد بالعباد هنا: جميع الثقلين مؤمنهم وكافرهم، بدليل بقية الحديث، وهذه العبودية العامة، والأضافة للتشريف. قال أَبو علي الدقاق: (ليس شيء أشرف من العبودية ولا اسم أتمَّ للمؤمن من الوصف به، ومن ثَمَّ قُرن بالإسراء في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١]) (١).

قوله: (إني حرمت الظلم على نفسي) تقدم أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومعنى: حرمته: تنزّهت عنه وتعاليت مع قدرته تعالى عليه، لكنه لا يفعله؛ لأنه سبحانه يضع الأمور في مواضعها، ولهذا وعد المؤمنين الجنَّة وتوعد الكافرين بالنار، ولا يمكن أن يعذب أحدًا بذنب غيره. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيئًا} [يونس: ٤٤]، والمراد بالنفس: الذات المتصفة بصفات الكمال. قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨]، وقال تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ١٢]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ونفسه هي ذاته المقدسة) (٢).

قوله: (وجعلته بينكم محرمًا) أي: حكمت بتحريمه عليكم، فالمراد بالجعل هنا: الشرعي لا الكوني؛ لأن الظلم يقع بين الناس.

قوله: (فلا تظالموا) بفتح التاء وتخفيف الظاء على الأشهر، وأصله: تتظالموا، فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا؛ أي: لا يظلم بعضكم بعضًا، وهذا توكيد لقوله: (وجعلته بينكم محرمًا) وزيادة في تغليظ تحريمه، ويجوز "تظَّالموا" بتشديد الظاء وإدغام إحدى التاءين فيها.


(١) "نتائج الأفكار في شرح حديث سيد الاستغفار" ص (٢٧٣).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٩/ ٢٩٢، ٢٩٣) (١٤/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>