للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (قال: ذكرك أخاك … ) خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هي ذكرك أخاك، والمراد بالأخ: الأخ في الدين، وهذا اللفظ يشمل الأخ الحي والميت، وهل يشمل الصغير والمجنون؟ محل بحث (١).

والغيبة: هي الاسم من الفعل اغتابه اغتيابًا، وهو مأخوذ من مادة: (غَيَبَ) التي تدل على تستر الشيء عن العيون (٢)؛ لأن الغِيبة التي هي الوقيعة في الناس لا تقال إلَّا في غَيبة الشخص.

وأما في الاصطلاح فهي كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذكرك أخاك بما يكره"، وعبر عن هذا بعض العلماء بقوله: ذكر العيب بظهر الغيب (٣).

والاشتقاق اللغوي يفيد أن الغيبة مختصة بعدم حضور الإنسان في مجلس الغيبة، وبهذا جزم أهل اللغة وأكثر الأئمة.

قوله: (بما يكره) ما: إما أن تكون مصدرية؛ أي: بمكروه، أو اسمًا موصولًا؛ أي: بالذي يكرهه، وبين المعنيين فرق، سواء أكان الذي يكرهه في دينه أو دنياه، وسواء كان في بدنه أو ماله أو أهله أو ولده أو ثوبه أو مركبه أو غير ذلك مما يتعلق به (٤).

وهذا التفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - للغيبة يعد تفسيرًا لقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: ١٢]، وهذا المعنى موضع إجماع بين أهل العلم.

قوله: (فقد بهته) أي: كذبت وافتريت عليه مع الغيبة، فَحُذِفَ الشق الثاني لأنه معلوم، يقال: بَهَتَ فلان فلانًا: إذا كذب عليه، وبَهِتَ وبُهِتَ: إذا تحير. يقول ابن فارس: (الباء والهاء والتاء أصل واحد، وهو كالدَّهَشِ والحيرة … ) (٥)، وعلى هذا فالبهتان: هو الكذب والافتراء الباطل الذي يُتحير منه لفظاعته.


(١) انظر: "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (٢/ ١٥)، "الفتوحات الربانية" (٦/ ٣٧٧).
(٢) "معجم مقاييس اللغة" (٤/ ٤٠٣).
(٣) "التوقيف على مهمات التعاريف" ص (٢٥٤).
(٤) انظر: "الأذكار" ص (٥٣٤).
(٥) "معجم مقاييس اللغة" (١/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>