للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثامن: في الحديث دليل على تحريم بيع المسلم على بيع أخيه، ومثله شراؤه على شرائه؛ لأن هذا من أسباب العداوة والتقاطع بين المسلمين، وقد مضى تفصيل ذلك في "البيوع".

• الوجه التاسع: في الحديث حث للمسلمين على أن يكونوا إخوة متحابين متآلفين، وأن من تحقيق العبودية لله تعالى رعاية الأخوة الإيمانية القائمة على رابطة العقيدة ولو تباعدت الأوطان واختلفت الألسن والألوان.

• الوجه العاشر: في الحديث دليل على أن ظلم المسلم لأخيه أو خذلانه أو احتقاره ينافي صدق الأخوة الإسلامية.

• الوجه الحادي عشر: في الحديث دليل على أن التقوى محلها القلب، وإذا تحققت تقوى القلب ظهرت آثارها على الجوارح؛ لأنها تابعة للقلب ومنقادة له، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" (١)، وما يظهر على الجوارح من صلاح واستقامة في القول والعمل فهو دليل على تقوى القلب، وما يظهر من فساد أو انحراف في القول والعمل فهو دليل على ضعف تقوى القلب.

قال الإِمام النووي -رحمه اللهُ- في شرحه لهذا الحديث: (الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنَّما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى، وخشيته، ومراقبته. ومقصود الحديث أن الاعتبار في ذلك كله بالقلب) (٢).

وقال الحافظ ابن رجب -رحمه اللهُ -: (والتقوى أصلها في القلب، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)} [الحج: ٣٢]، وإذا كان أصل التقوى في القلوب، فلا يطلع أحد على حقيقتها إلَّا الله -عزَّ وجلَّ-، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (٣). وحينئذٍ فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة، أو مال، أو جاه، أو رياسة في الدنيا، قلبه خرابًا من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك


(١) هذا الحديث تقدم تخريجه وشرحه برقم (١٤٧٧) من هذا الجزء.
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١٦/ ٣٥٧).
(٣) رواه مسلم (٢٥٦٤) (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>