للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في كلام غيرك لإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيتك عليه.

ولا يكون المراء إلا اعتراضًا، بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضًا (١).

قوله: (ولا تمازحه) من المُزاح -بضم الميم- اسم مصدر من مَزَحَ من باب نفع، مَزْحًا ومَزاحَةً -بالفتح- والمِزاحُ -بالكسر- مصدر مازحه ممازحة ومِزاحًا.

والمزاح: هو المداعبة والهزل، والمعنى: لا تمازح أخاك المسلم مزاحًا يفضي إلى إيذائه من هتك العرض ونحوه.

قوله: (ولا تعده موعدًا فَتُخْلِفَهُ) بنصب المضارع (تخلفَه) بـ (أن) المضمرة وجوبًا بعد فاء السببية في جواب النهي. والمراد بالوعد: ما يشمل زمان الموعد ومكانه.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على عناية الإسلام بالألفة والمحبة بين المسلمين حيث جاء بما يزيد المحبة ويقوي الألفة، كما جاء بالنهي عما يسيء إلى هذه المحبة، ومن هذا النهيُ عن المراء والجدال الذي يفعله الإنسان مع جليسه؛ ليظهر له الخلل في كلامه أو العيب في رأيه وفكرته، فهذا خلق ذميم، يورث البغضاء والكراهية، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا لكن المعنى الذي دلّ عليه مستفاد من نصوص أخرى، قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: ٤٦]، وقال تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، يقول ابن حبان: (المراء أخو الشنآن، كما أن المناقشة أخت العداوة، والمراء قليل نفعه كثير شره، ومنه يكون السباب، ومن السباب يكون القتال، ومنه يكون هراقة الدم، وما مارى أحد أحدًا إلَّا وقد غيَّر المراء قلبيهما) (٢).


(١) "المصباح المنير" ص (٥٧٠).
(٢) "روضة العقلاء" ص (٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>