للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب الجمهور إلى أن الجنب لا يلبث في المسجد، استدلالاً بالآية الكريمة، على أن المراد بالصلاة: موضعها، وهو المسجد، كما رجحه ابن جرير وابن كثير، وأخذاً بالحديث على رأي من صححه، وأما على التفسير الأول، وهو أن الصلاة باقية على حقيقتها، والمعنى: لا تصلوا وأنتم سكارى، ولا أنتم جنب إلا في حال كونكم مسافرين حتى تغتسلوا (١)، فلا يكون في الآية دليل على منع الجنب من دخول المسجد واللبث فيه، ولا يبقى في المسألة إلا حديث الباب وقد علمت ما فيه.

وأما الحائض فليس في منعها من المسجد إلا حديث الباب، وأما القياس على الجنب ففيه نظر، للفارق بينهما، وهو قدرته على التطهر دونها، وعلى هذا فيجوز لبثها في المسجد، وعليها أن تحترز من إصابة المسجد بالأذى؛ لما سيأتي - إن شاء الله - من الأدلة في الحث على نظافة المساجد، ومن أهل العلم من خصَّ لبثها بالضرورة، وهو قول المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية - كما لو خافت من يقتلها إذا لم تدخل المسجد أو كان البرد شديداً أو فيه مطر، أو نحو ذلك (٢).

أما عبورها في المسجد أو أخذها شيئاً منه مثل سجادة أو كتاب فهذا يجوز، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ناوليني الخُمرة (٣) من المسجد»، قالت: فقلت: إني حائض، فقال: «إن حيضتك ليست في يدك» (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "تفسير آيات الأحكام" للسايس (٢/ ١٠٧).
(٢) "حاشية الدسوقي" (١/ ١٧٤)، "الفتاوى" (٢٦/ ١٧٧).
(٣) الخمرة: السجادة، سميت خمرة لأنها تخمر الوجه أي: تغطيه.
(٤) أخرجه مسلم (٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>