للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجلسون في المسجد، وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة (١).

وروى حنبل بن إسحاق عن أبي نعيم، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث (٢). ولأن الوضوء يخفف حدثه فيزول بعض ما يمنعه، كما تقدم في الجنب إذا أراد أن ينام أنه يتوضأ، لكن هذا الأثر عن الصحابة رضي الله عنهم حكاية فعل، والفعل المجرد من الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يدل على الوجوب، فكيف من غيره (٣)؟ كما علم من الأصول.

وسبب الخلاف في هذه المسألة أمران:

الأول: الاختلاف في تفسير الآية المتقدمة، وهل النهي فيها عن الصلاة؛ والمراد بعابر السبيل: المسافر، أو أن المراد: مواضعها، والمراد بعابر السبيل: المجتاز المار في المسجد للخروج منه؟

الأمر الثاني: الاختلاف في تصحيح الحديث وتضعيفه.


(١) أخرجه سعيد بن منصور (٦٤٦) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: … فذكره.
وهذا سند حسن، عبد العزيز بن محمد الدراوردي من رجال مسلم، لكن فيه ضعف من قبل حفظه، فهو كما لخص الذهبي حاله في "الميزان" (٢/ ٦٣٣) وفي "السير" (٨/ ٣٦٨): بأنه صدوق حسن الحديث. وأما قول الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (٢/ ٢٧٥): (هذا إسناد صحيح على شرط مسلم) ففيه نظر، لما تقدم.
وهشام بن سعد قال عنه الحافظ في "التقريب": (صدوق له أوهام)، ويستثنى من ذلك روايته عن زيد بن أسلم، فإنه ثقة فيه، لطول ملازمته له ومعرفته بحديثه، ولذا نقل الآجري عن أبي داود أنه قال: (هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم) ["تهذيب التهذيب" (١١/ ٣٧)].
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٤٦) عن شيخه وكيع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: (كان الرجل منهم يجنب، ثم يدخل المسجد، فيحدث فيه).
وهذا السياق ورد بدون ذكر عطاء بن يسار، فهل الدراوردي زاد في الإسناد الأول عطاء، أو أن هذا حديث آخر؟ أشار إلى هذا محقِّق "سنن سعيد".
(٣) انظر: "موسوعة أحكام الطهارة" (١١/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>