للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الوصف مأخوذ من اللديدين وهما جانبا الوادي؛ لأن المخاصم كلما منع من جانب جاء من جانب آخر، وقيل: لإعماله لديديه في الخصومة، وهما جانبا الفم (١).

وقال أَبو عبيدة: هو الشديد الخصومة الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل (٢).

قوله: (الخَصِمُ) بكسر الصاد، ويجوز تسكينها، فالذي بالسكون مصدر خَصَمَهُ خَصْمًا؛ أي: غلبه في الخصام، ولذا يستوي فيه المذكر والمؤنث، المفرد والمثنى والجمع، فيكون بلفظ واحد، وهذا هو الأكثر. قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١)} [ص: ٢١] ومن العرب من يثنيه ويجمعه، فيقول: هذان خصمان، وهؤلاء خصوم. قال تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: ١٩]، وقال تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨].

أما الذي بكسر الصاد فهو وصف للشخص العالم بالحجة المختص بالخصومة، يقال: خَصِمَ الرجل يَخْصَمُ من باب تعب: إذا أحكم الخصومة فهو خَصِمٌ وخصيمٌ (٣).

والخَصِمُ صيغة مبالغة إما بمعنى دائم الخصومة كما قال البخاري، فتكون الصيغة للكثرة، أو بمعنى شديد الخصومة فتكون الصيغة للشدة.

ولما كان الألد صفة، والخصم اسم؛ لأنه مصدر، كان في الأصل أن يكون تابعًا لخصم؛ لأنه نعت له فيقال: الخصم الألد، لكن لما كَثُر استعمال هذا الوصف عومل معاملة الأسماء، فجعل التابع متبوعًا، وحُذي به حذو قوله تعالى: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: ٢٧]؛ [فاطر: ٢٧] والأصل: سود غرابيب (٤).

• الوجه الثالث: في الحديث تحذير من شدة الخصومة وكثرتها، وهو


(١) "المفهم" (٥/ ١٨٠).
(٢) "مجاز القرآن" (٢/ ١٣).
(٣) "الأفعال" لابن القوطية ص (٢٠٤).
(٤) "المفهم" (٥/ ١٨٠) (٦/ ٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>