للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كون الإنسان كلما فرغ من خصومة شرع في أخرى، ولا يكاد أحد يتخلص منه، فيضر نفسه ويؤذي غيره، وهذا مما يؤدي إلى بغض الله تعالى للعبد؛ لأن الغالب في شدة الخصومة أن صاحبها لا يريد الوصول إلى الحق، وإنما يريد الظهور على خصمه وغلبته ولو بالباطل.

والذم في هذا الحديث مراد به من خاصم بالباطل، واستعمل الكذب والتدليس وشهادة الزور للظهور على خصمه، أما الذي يدافع عن حقه، ويستعين بالحجج الشرعية والطرق الصحيحة للوصول إلى حقه، فهذا لا يدخل في باب الخصومة المذمومة.

والواجب على المؤمن أن يكون بعيدًا عن كثرة الخصومات، بعيدًا عن اللدد، سمحًا طيب الكلام، وألا يكون ذا لجاجة في الخصومة فيبغضه الله ويبغضه الناس، يقول الحافظ ابن رجب: (إذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة، سواء كانت خصومته في الدين أو في الدنيا على أن ينتصر للباطل، ويخيِّل للسامع أنَّه حق، ويوهن الحق، ويخرجه في صورة الباطل، كان ذلك من أقبح المحرمات وأخبث خصال النفاق) (١). والله تعالى أعلم.


(١) "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>