للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (ما من شيء) ما: نافية عاملة عمل ليس، و (من) زائدة لتأكيد العموم المستفاد من (شيء)؛ لأنه نكرة في سياق النفي، و (شيء) اسم (ما) مجرور لفظًا مرفوع محلًا.

قوله: (في الميزان) أي: ميزان الأعمال يوم القيامة، والميزان لغة: ما تقدر به الأشياء خفة وثقلًا، وشرعًا: ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد.

قوله: (أثقل) بالنصب خبر (ما) العاملة، وبالرفع خبر المبتدأ على أن (ما) غير عاملة، وتقدم الكلام على (حسن الخلق) في أول باب (الأدب).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل حسن الخلق وعظيم منزلته عند الله تعالى، وأنه من أفضل ما يكون في ميزان العبد يوم القيامة؛ لأن الله تعالى يحب حسن الخلق ويرضى عن صاحبه، وهذه إحدى الفضائل الكثيرة والفوائد العظيمة لحسن الخلق.

فعلى العبد أن يكون حسن الخلق مع الله تعالى ومع عباده، وحسن الخلق مع الله تعالى هو الرضا بحكمه وشرعه وقضائه وتدبيره، وحسن الخلق مع عباد الله كما قال عبد الله بن المبارك في وصفه: (هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى) (١)، وقال حبيب بن أبي ثابت: (من حسن خلق الرجل: أن يحدث صاحبه وهو يبتسم) (٢).

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي مبينًا فوائد حسن الخلق: (هذا هو مادة الأخلاق الجميلة كلِّها، وقد اتفق الشرع والعقل على حسنه، ورفعة قدره، وعلو مرتبته، ومداره على قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} [الأعراف: ١٩٩]؛ أي: خذ ما تيسر وعَفَى وتَسَهَّلَ من أخلاق الناس، ولا تطالبهم بما لا تقتضيه طباعهم، ولا تسمح به أخلاقهم. هذا فيما يأتيك منهم.


(١) رواه الترمذي (٢٠٠٥)، وقد تقدم في باب "الأدب".
(٢) "روضة العقلاء" ص (٧٦ - ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>