للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحياء شرعًا: خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح.

وفسروا الخلق بأنه تغير وانكسار، يعتري الإنسان، ويحمله على فعل ما يجمل ويزين وترك ما يدنس ويشين.

والحياء من الله يوجب للعبد توقي الذنوب وفعل الواجبات والمستحبات، والحياء من الناس يوجب للعبد احترامهم وإنزالهم منازلهم وألا يقابلهم بما لا ينبغي.

قال ابن القيم: (الحياء مشتق من الحياة، والغيث يسمى (حيًّا) بالقصر؛ لأن به حياة الأرض والنبات والدواب، وكذلك بالحياء حياة الدنيا والآخرة، فمن لا حياء فيه ميت في الدنيا وشقي في الآخرة) (١).

والحياء قسمان: غريزي، ومكتسب، والمكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلف به دون الغريزي، إذ ليس ذلك من كسبنا ولا في وسعنا، غير أن هذا الغريزي يَحْمِلُ على المكتسب ويعين عليه (٢)، وقد يحمد الإنسان عليه إذا التزم به (٣).

قوله: (من الإيمان) أي: شعبة من شعب الإيمان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (٤).

وإنما كان الحياء شعبة من الإيمان؛ لأن الحياء هو السبب الأقوى في قيام العبد بجميع شعب الإيمان، ومنهم من قال: إن المراد أن الحياء أثر من آثار الإيمان (٥).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل الحياء وأنه من خصال الإيمان وحسن الإسلام ومكارم الأخلاق، وفي وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - الحياء بأنه


(١) "الداء والدواء" ص (١٧٠).
(٢) انظر: "المفهم" (١/ ٢١٨).
(٣) "التعليق على صحيح مسلم" للشيخ محمد بن عثيمين (١/ ٢٠١).
(٤) رواه البخاري (٩)، ومسلم (٣٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) "فتح الباري" (١/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>