للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجار والمجرور خبر (إن)، واسمها قوله: (إذا لم تستحي) على تقدير القول؛ أي: قولهم: إذا لم تستح أو على إرادة: هذا اللفظ.

قوله: (من كلام النبوة) على حذف مضاف؛ أي: كلام أصحاب النبوة الأولى، أو ذوي النبوة الأولى، وقد يقال: إنه لا حذف وإنما جاء التعبير بالصفة وهي النبوة عن الموصوف وهم الأنبياء، وتكون إضافة الكلام إلى النبوة للإشعار بأن ذلك من نتائج الوحي وثمراته (١).

والمراد بالنبوة الأولى: النبوة السابقة قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: أنه أمر استقر في جميع الشرائع ولم يُنسخ؛ لأنه أمر قد علم صوابه وظهر فضله.

قوله: (إذا لم تستحْي) جاء في بعض نسخ "البلوغ" "إذا لم تستحِ" بحذف ياء المضارع للجازم مع كسر الحاء مخففة إذا كان من الفعل استحى، وجاء في أكثرها بإثبات الياء مخففة مع سكون الحاء، أو كسرها، وهو المثبت في "الصحيح"، على أنه من الفعل استحيَى، ويكون الجازم حَذَفَ الياء الثانية التي هي لام الفعل (٢)، وذلك أنه قد تقدم أنه يقال: استحييت بيائين، ومضارعه يَسْتَحْيي، واسْتَحَيتُ بياء واحدة، ومضارعه يَسْتَحِي، وأصله: اسْتَحْيَيتُ، فَأَعَلُّوا الياء الأولى، وألقوا حركتها وهي الفتحة على الحاء، واستحيا أصله استحيَيَ على وزن استفعل، فقلبت الياء الثانية ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها.

قوله: (فاصنع ما شئت) هذه رواية "الصحيحين" وفي رواية للبخاري: "فافعل ما شئت" (٣) والصُّنْع أخص من العمل (٤).

وقد اختلف العلماء في معنى هذه الجملة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد؛ والمعنى: إذا لم يكن


(١) انظر: "الفتوحات الوهبية" ص (١٩٣).
(٢) انظر: "صحيح البخاري" (٤/ ١٧٧)، (٨/ ٢٩) طبعة الناصر، "مصابيح الجامع" (٧/ ١٧٧)، "شرح الجرداني على الأربعين" ص (٤٦).
(٣) "صحيح البخاري" ص (١٩٣).
(٤) "الفتوحات الوهبية" ص (١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>