للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتكميلها كان في ذلك كماله، وعنوان فلاحه، فإن حرص على ما لا ينفعه، أو فعل ما ينفعه بغير حرص فاته من الكمال بحسب ما فاته من ذلك (١).

وفي الحديث إشارة إلى أنه لا ينبغي للعاقل أن يمضي جهده ويصرف وقته فيما لا نفع فيه، كما يجب عليه الابتعاد عن كل ما فيه ضرر في العاجل والآجل؛ لأن اجتناب الضار نفع للعبد، يدل على هذا قوله: "احرص على مما ينفعك".

° الوجه الثامن: وجوب الاستعانة بالله تعالى على أمور الدين والدنيا؛ لأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره، ولا معين له على ذلك إلا الله تعالى، والاستعانة بالله تعالى تتضمن الخضوع لله تعالى، والثقة به والاعتماد عليه.

ومناسبة أمره بالاستعانة بعد أمره بالحرص على ما ينفعه؛ أَنَّ حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله تعالى ومشيئته وتوفيقه، فأُمِرَ بالاستعانة ليجتمع له مقام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لأن حرصه على ما ينفعه عبادة لله، ولا تتم إلا بمعونة الله، فأمره بأن يعبده ويستعين به (٢).

وهناك ملحظ آخر في هذا الأمر وهو أن الإنسان بقوته وحرصه على النافع وإدراكه ما يريد قد يغفل عن الاستعانة وتغره نفسه بأن ما حصل له إنما هو بحوله وقوته، فناسب أمره بالاستعانة بعد أمره بتحصيل ما ينفعه؛ لئلا ينسى الاستعانة بالله تعالى ولو على الشيء اليسير (٣).

° الوجه التاسع: أنه ينبغي للإنسان أن يصبر ويثابر ويحذر العجز والبطالة وتعطيل الأسباب، فالعجز مذموم شرعًا وعقلًا، قال ابن القيم: (العجز ينافي حرصه على ما ينفعه، وينافي استعانته بالله، فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز. . .) (٤).


(١) "شفاء العليل" (١/ ٢٣٠ - ٢٣١).
(٢) "شفاء العليل" (١/ ٢٣١).
(٣) "شرح رياض الصالحين" (٢/ ٨٠).
(٤) "شفاء العليل" (١/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>