للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن القولية حديث أبي الدرداء وحديث أسماء -رضي الله عنهما-، وإن كان في سندهما مقالٌ، لكن لهما ما يؤيد معناهما.

ومن ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم-: ( … ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة … ) فهذا الحديث -كما يقول الحافظ ابن حجر- فيه إشارة إلى ترك الغيبة؛ لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره (١).

وكذلك من ترك غيره يذكر مساوئ أخيه ولم ينكر ذلك لم يستره، ومن أنكر فقد ستر (٢).

وجاء في حديث عتبان بن مالك - رضي الله عنه - الطويل: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، وقمنا وراءه، فصلى ركعتين ثم سلم، وحبسناه على خزيرة صنعناها له، فثاب رجال من أهل الدار حوله حتى اجتمع في البيت رجال ذوو عدد، قال قائل منهم: أين مالك بن الدُّخْشُنِ؟ فقال بعضهم: ذاك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله"، قالوا: الله ورسوله أعلم … الحديث (٣). قال ابن رجب: (فيه أن من رمى أحدًا بنفاق وذَكَرَ سُوءَ عمله، فإنه ينبغي أن تُرد غيبته ويُذكر صالح عمله. . .) (٤).

وفي حديث كعب بن مالك في قصة تخلفه عن غزوة تبوك وتوبة الله عليه أنه قال: ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك، فقال -وهو جالس في القوم بتبوك-: "ما فعل كعب؟ " فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه بُرْدَاهُ ونظره في عِطْفَيهِ، فقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمت عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥).

قال ابن علان: (قوله: "فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي: مقرًا لإنكار معاذ


(١) "فتح الباري" (٥/ ٩٧).
(٢) انظر: "الغيبة وما يتعلق بها من أحكام" ص (١١٦).
(٣) رواه البخاري (٤٢٥)، ومسلم (٣٣).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ١٨٨).
(٥) رواه البخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٢٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>