للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا) العفو: مصدر عفا يعفو عفوًا: إذا ترك وإذا طلب، قال الخليل: (العفو تركك إنسانًا استوجب عقوبة فعفوت عنه) (١).

والعِزُّ: مصدر عَزَّ يَعِز عَزًّا من باب ضرب، والعز خلاف الذل، وهو حالة تمنع الإنسان من أن يُغلب (٢).

والمعنى: أن من عرف بالعفو وترك المؤاخذة ساد وعظم في القلوب، وزاد عزة وكرامة ورفعة في الدنيا والآخرة (٣).

قوله: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه) هكذا في أكثر نسخ "البلوغ" وفي المخطوطة (٤)، وفي "الصحيح" (إلا رفعه الله) وثبت هذا في بعض النسخ، وقد تقدم قريبًا معنى التواضع، ويفسر هذا الحديث بمعنيين:

الأول: التواضع لله تعالى بالعبادة والخضوع والانقياد لأمره.

الثاني: التواضع لعباد الله من أجل الله، وكلاهما سبب الرفعة في الدنيا، بأن يرفع الله المتواضع ويجعل له منزلة عالية عند الناس ويرفعه في الآخرة فيثيبه على تواضعه بالجنة.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل الصدقة وأنها لا تنقص المال كما يتوهم الإنسان، أو يَعِدُ به الشيطان، كما قال تعالى: {الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: ٢٦٨] أي: يخوفكم الفقر، لتمسكوا ما بأيديكم فلا تنفقوه في مرضاة الله (٥). بل يزيد الله تعالى المال بركة وخيرًا، فعلى المؤمن أن يحرص على الصدقة وعلى البذل والإحسان.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على فضل العفو عن المسيء والحث عليه؛ لأن الله تعالى وعد العافين عن الناس بالعِزِّ، والعفو من كمال الإيمان


(١) "العين" (٢/ ٢٥٨)، "معجم مقاييس اللغة" (٤/ ٦١).
(٢) "المفردات" ص (٣٣٣).
(٣) انظر: "المفهم" (٦/ ٥٧٤ - ٥٧٥).
(٤) انظر وصفها في حاشية شرح الحديث (١٤٥٥) من هذا الجزء.
(٥) "تفسير ابن كثير" (١/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>